إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

التدريس المصغر

التدريس المصغر: أسلوب من أساليب تدريب المعلمين، يمثل صورة مصغرة للدرس أو جزءاً من أجزائه أو مهارة من مهاراته، تحت ظروف مضبوطة، ويقدم لعدد محدود من المتعلمين أو المعلمين المتدربين.
  وللتدريس المصغر أنواع، منها: التدريب المبكر على التدريس المصغر، والتدريب عليه أثناء الخدمة، والتدريس المصغر المستمر، والتدريس المصغر الختامي، والتدريس المصغر الموجه، والتدريس المصغر الحر، والتدريس المصغر العام، والتدريس المصغر الخاص.
  يقدم التدريس المصغر على مراحل، هي: الإرشاد والتوجيه، والمشاهدة، والتحضير للدرس، والتدريس، والحوار والمناقشة، وإعادة التدريس، والتقويم، والانتقال إلى التدريس الكامل.
  وللتدريس المصغر مهارات، من أهمها: مهارات التحضير ، ومهارات اختيار المواد التعليمية، ومهارات التوزيع والتنظيم، ومهارات التقديم والتشويق والربط، ومهارات الشرح، ومهارات التعزيز، ومهارات الأسئلة والإجابات، ومهارات مراعاة مستوى الطلاب والفروق الفردية بينهم، ومهارات الحركة، ومهارات استخدام تقنيات التعليم، ومهارات التدريب والتقويم.
  ما التدريس المصغر؟     
   التدريس المصغر – بوجه عام - موقف تدريسي، يتدرب فيه المعلمون على مواقف تعليمية حقيقية مصغرة تشبه غرفة الفصل العادي، غير أنها لا تشتمل على العوامل المعقدة التي تدخل عادة في عملية التدريس. ويتدرب المعلم – في الغالب – على مهارة تعليمية واحدة أو مهارتين، بقصد إتقانهما قبل الانتقال إلى مهارات جديدة.  
  ويتضح من هذا التعريف أن المعلم المتدرب يمكن أن يُصَغِّر درسه من خلال التركيز على مهارة واحدة من مهارات التدريس، أو خطوة واحدة من خطواته، مع الاحتفاظ بالزمن والأنشطة المطلوبة لهذه المهارة في الحالات العادية. فقد يختار المتدرب، أو يُوَجَّه، إلى التدرب على التمهيد للدرس، أو شرح قاعدة من قواعده، أو شرح عدد معين من المفردات الجديدة، أو إجراء تدريب قصير، أو تقويم أداء الطلاب في مهارة معينة. وقد يكون التدريس موجهاً إلى التدرب على مهمة محددة، كإثارة انتباه الطلاب، وأسلوب طرح الأسئلة عليهم، والإجابة عن استفساراتهم، وتصويب أخطائهم. يقوم المتدرب بهذه العملية مرة أو مرتين أو أكثر، ويحاول في كل مرة تلافي الأخطاء السابقة أو التقليل منها، حتى يتقن هذه المهارة.  
  فالتدرب على مهارة من هذه المهارات أو مهمة من هذه المهمات إذن لا يستغرق كل الوقت المخصص للدرس، وإنما يتطلب جزءاً يسيراً منه، يختلف حسب طبيعة المهارة المراد التدرب عليها. فالتقديم للدرس مثلاً لا يستغرق – في الغالب - أكثر من خمس دقائق، وإجراء التدريب الواحد ربما لا يحتاج إلا إلى ثلاث دقائق، وإثارة انتباه الطلاب أو طرح السؤال أو الإجابة عنه لا تحتاج إلا إلى دقيقة واحدة، أما شرح القاعدة فقد يتطلب مدة تتراوح ما بين خمس إلى عشر دقائق.
  بالإضافة إلى ذلك، فإن حجم الفصل يمكن تصغيره إلى أقل من عشرة طلاب، وهؤلاء قد يكونون طلاباً حقيقيين من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها، وقد يكونون من زملاء المعلم المتدرب، الذين يجلسون في مقاعد الدرس؛ يستمعون إليه، ويتفاعلون معه كما لو كانوا طلاباً حقيقيين من متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها. والحالة الثانية هي المتبعة غالباً في التدريس المصغر في برامج تعليم اللغات الأجنبية([6]) ؛ لأن عدم توفر الطلاب الحقيقيين، أو صعوبة التدرب أمامهم، من أهم أسباب اللجوء إلى التدريس المصغر، بالإضافة إلى الاستفادة من الزملاء المعلمين في التعزيز والنقــد والمناقشة.
  الخلفية التاريخية والنظرية للتدريس المصغر  
  ظهر التدريس المصغر في أوائل الستينيات من القرن العشرين، عندما كانت تطبيقات الاتجاه السلوكي في علم النفس Behavioral Psychology هي المسيطرة على مناهج التعليم، بما فيها مناهج تعليم اللغات الأجنبية. وقد بدأ تطبيق التدريس المصغر في العلوم التطبيقية في جامعة ستانفورد Stanford University على يد دوايت ألن Dwight Allen وزملائه عام 1961م، وعرف بمذهب ستانفورد Stanford Approach، ثم طبق في جامعة بركلي في كاليفورنيا  University of California (Berkeley). وقد عرف هذا النمط من التدريس آنذاك بنموذج العلم التطبيقي The Applied Science Model، ثم طبق بعد ذلك على نطاق واسع في تدريب المهندسين والعاملين في المصانع وبرامج تدريب الجيش الأمريكي.
  وقد شاع استخدام هذا النمط من التدريس في برامج التربية العملية للمعلمين في التعليم العام في الجامعات الأمريكية منذ ذلك التاريخ. ثم استخدم في بعض الجامعات الأوربية، وبخاصة البريطانية منها، في بداية السبعينيات الميلادية، حيث استحدثت أنماط وأساليب جديدة، بل إن الجامعات البريطانية أقرت التدريس المصغر واعتمدته جزءاً أساسياً في عمليات إعداد المعلمين. ثم انتقل هذا النمط من التدريس إلى العالم العربي في منتصف السبعينيات الميلادية، وطبق في كثير من جامعاته وكلياته، ونقلت بعض الكتب والدراسات الأجنبية إلى اللغة العربية، ثم ألفت كتب أخرى باللغة العربية نفسها، كما نشرت بعض البحوث والدراسات وعقدت ندوات في مجال تدريب المعلمين، تناول بعضها جوانب من التدريس المصغر.    
   لقد قام هذا النموذج من التدريس المصغر على أساس من المفهوم السلوكي للتعلم من خلال تعديل السلوك، كما هو عند رائد التعليم المبرمج ف سكنر B. F. Skinner، الذي يؤكد على أهمية التغذية الراجعة Feedback والتعزيز الفوري Immediate Reinforcement في تعديل السلوك. وبناء على ذلك؛ فإن المتدرب يحتفظ بالسلوك الصحيح، عندما يلقى تعزيزاً إيجابياً من أستاذه أو من الحضور، ويبتعد عن السلوك الخاطئ بناء على التعزيز السلبي، ويحسن من أدائه تدريجياً حتى يصل إلى الأداء المطلوب. ولكي يضمن المتدرب الاستفادة من التغذية الراجعة والتعزيز لتحسين أدائه؛ ينبغي أن تكون المهمة أو المهارة التي يتدرب عليها قصيرة قدر الإمكان. من هنا جاءت فكرة تقسيم الدرس إلى أجزاء، ثم تقسيم كل جزء إلى مهارات أو مهمات قصيرة، يمكن التدرب عليها مرات عديدة حتى يتم إتقانها.    
   غير أن هذا النموذج العلمي التطبيقي لم يكن مقبولاً بدرجة كافية لدى المهتمين بتعليم اللغات الأجنبية؛ لأن تعليم اللغة وتعلمها عملية معقدة ومتداخلة، ينبغي أن ينظر إليها بوصفها وحدة متكاملة، لا ينفصل بعضها عن البعض الآخر. بل يرى بعض الباحثين أن هذا النموذج، كما هو لدى جامعة ستانفورد، لم يطبق في برامج تعليم اللغات الأجنبية على نطاق واسع. ولعل السبب في هذا شعور اللغويين التطبيقيين بأن تعليم اللغة يختلف عن تعليم مهارة منفصلة من مهارات العلوم الطبيعية أو التصميم الهندسي أو التصنيع أو التشغيل، أو السلوك العسكري الموجه توجيهاً آلياً في كثير من الحالات. 
  وبناء علـى ذلك ؛ طبق اللغويون التطبيقيــون نموذجاً آخـر عـرف بالنموذج الانعكـــاسي التأملـي The Reflective Model، يقوم على فكرة أن التدريس المصغر ينبغي النظر إليه بوصفه سلوكاً مهنياً معرفياً يعكس كفاية المعلم، لا سلوكاً آلياً ناتجاً عن المحاولة والخطأ وتعديل السلوك جزئياً نتيجة التغذية الراجعة والتعزيز. وقد استفاد أصحاب هذا النموذج من آراء عالم النفس الروسي فيجوتسكي Vygotsky ونظراته السلوكية الجديدة حول التدريس بوجه عام والتدريس المصغر بوجه خاص، تلك النظرات التي تربط التدريس بكل من البيئة الاجتماعية والثقافة والمعرفة. يرى فيجوتسكي أن التدريس المصغر انعكاس طبيعي للتفاعل بين العوامل التاريخية والثقافية والمعرفية لبيئة التعلم([15]) . فالتدريس المصغر – في ضوء هذه النظرة - ليس سلوكاً آلياً ولا عملية إبداعية في جميع الأحوال والظروف، وإنما يعتمد على البيئة التي تلقى فيها المعلم ثقافته والأسلوب الذي نشأ عليه وتلقى فيه تدريبه. 
  ومنذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين، بدأ التدريس المصغر يظهر من جديد، لكن بصورة غير الصورة السلوكية التقليدية التي كان عليها في الستينيات والسبعينيات. فقد بدأ اللغويون التطبيقيون يطبقونه من خلال الاتجاه المعرفي  The Cognitive Approach؛ انطلاقاً من المقولة التي ترى أن تغيير سلوك الفرد يتطلب التأثير على تفكيره واتجاهه نحو هذا السلوك أولاً، ثم توجيهه إلى السلوك المطلوب ثانياً. وبناء على ذلك؛ فإن التدريس المصغر يمكن أن يكون وسيلة لتغيير الاتجاه نحو أساليب التعلم والتعليم، وبالتالي بناء اتجاه معين نحو أساليب التدريس.       
   وأياً كان الأمر، فقد طبق التدريس المصغر، منذ نشأته في الستينيات من القرن العشرين حتى الآن، في برامج تعليم اللغات الأجنبية في أنحاء مختلفة من العالم، وبخاصة في أمريكا وبريطانيا، كما أنه لا يزال مطبقاً في اليابان بشكل واسع. بيد أن أوج انتشاره في الدول الغربية كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين؛ حيث أشارت إحدى الدراسات التي أجريت في نهاية الثمانينيات إلى أن ما يربو على ثمانين بالمائة من برامج تدريب معلمي اللغات الأجنبية في الغرب في ذلك الوقت كان يعتمد على التدريس المصغر. وكان التدريس المصغر في بداية الأمر مقصوراً على تدريب الطلاب المعلمين قبل تخرجهم، أي قبل العمل في التدريس Pre-service Training، ثم طبق في برامج تطوير مهارات المعلمين الذين هم على رأس العمل In-service Training، بعد أن تبين أن له فوائد في التدريب على مهارات جديدة، وتطوير المهارات السابقة.      
 
  أنواع التدريس المصغر    
   يختلف التدريس المصغر باختلاف البرنامج الذي يطبق من خلاله، والهدف من التدريب، وطبيعة المهارة أو المهمة المراد التدرب عليها، ومستوى المتدربين، ويمكن حصر هذه التقسيمات في الأنواع التالية:
  1-  التدريب المبكر (على التدريس المصغر) Pre-service Training in Microteaching: وهو التدريس المصغر الذي يبدأ التدرب عليه أثناء الدراسة، أي قبل تخرج الطالب وممارسته مهنة التدريس في أي مجال من المجالات. وهذا النوع يتطلب من الأستاذ المشرف اهتماماً بجميع مهارات التدريس العامة والخاصة؛ للتأكد من قدرة الطالب على التدريس.
  2- التدريب أثناء الخدمة (على التدريس المصغر)  In-service Training in Microteaching: وهذا النوع يشمل المعلمين الذين يمارسون التدريس ويتلقون – في الوقت نفسه – تدريباً على مهارات خاصة لم يتدربوا عليها من قبل، ومن هذا القبيل تدريب معلمي اللغة العربية الملتحقين في برامج إعداد معلمي اللغة العربية للناطقين بغيرها، الذين تخرجوا في أقسام اللغة العربية ومارسوا تدريسها للناطقين بها.  
  3-  التدريس المصغر المستمر Continuous Microteaching:  يبدأ هذا النوع من التدريس في مراحل مبكرة من البرنامج، ويستمر مع الطالب حتى تخرجه. وهذا النوع غالباً ما يرتبط بمقررات ومواد تقدم فيها نظريات ومذاهب، يتطلب فهمها تطبيقاً عملياً وممارسة فعلية للتدريس في قاعة الدرس، تحت إشراف أستاذ المادة. من ذلك مثلاً التدرب على تدريس اللغة الثانية أو الأجنبية لأهداف خاصة Teaching Foreign/Second Language for Specific Purposes، كتدريس اللغة العربية لغة ثانية من خلال محتوى مواد العلوم الشرعية؛ تطبيقاً لمبدأ تدريس اللغة من خلال المحتوى Content-Based Instruction، أحد المداخل المقترحة لتدريس اللغة الثانية لأهداف خاصة. ومن ذلك التمثيل التطبيقي لطريقة من طرائق تدريس اللغات الأجنبية، كالطريقة الاتصالية مثلاً، أو تطبيق أنشطة من أنشطتها في موقف اتصالي معين، أثناء شرحها داخل الفصل؛ لمزيد من التوضيح.
  4- التدريس المصغر الختامي Final Microteaching: وهو التدريس الذي يقوم المعلم المتدرب بأدائه في السنة النهائية أو الفصل الأخير من البرنامج، ويكون مركزاً على المقررات الأساسية، كمقرر تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها في برامج إعداد معلمي اللغة العربية مثلاً، ومقرر تدريس العلوم الشرعية أو السيرة النبوية  للناطقين بغير العربية. وقد يدخل التدريس المصغر الاختباري ضمن هذا النوع.
 
  
  5-  التدريس المصغر الموجه Directed Microteaching: هذا النوع من التدريس يشمل أنماطاً موجهة من التدريس المصغر، منها التدريس المصغر النموذجي Modeled Microteaching، وهو الذي يقدم فيه المشرف لطلابه المعلمين أنموذجاً للتدريس المصغر، ويطلب منهم أن يحذوا حذوه، وهذا النوع غالباً ما يطبق في برامج إعداد معلمي اللغات الأجنبية الذين لما يمارسوا هذه المهنة بعد Pre-Service Teachers. ومنها التدريس المعتمد على طريقة معينة من طرائق تدريس اللغات الأجنبية المعروفة؛ كالطريقة السمعية الشفهية، أو الطريقة الاتصالية ..، وقد ينطلق من مذهب من مذاهب تعليم اللغات الأجنبية؛ كالمذهب السمعي الشفهي، أو المذهب الاتصالي، أو المذهب المعرفي. ومنها التدريس المصغر الذي يعتمد فيه المتدرب على كتاب مقرر في البرنامج، ككتاب القراءة أو كتاب القواعد أو كتاب التعبير مثلاً؛ حيث يختار جزءاً من درس من دروس الكتاب المقرر، ويحدد المهارة التي سوف يتدرب عليها، والإجراءات والأنشطة التي سوف يقوم بها، ثم يعد درسه ويقدمه بناء على ذلك، وفي ضوء الطريقة والإجراءات المحددة في دليل المعلم([34]) .
  6- التدريس المصغر الحر (غير الموجه) Undirected Microteaching: هذا النوع من التدريس غالباً ما يقابل بالنوع السابق (الموجه)، ويهدف إلى بناء الكفاية التدريسية، أو التأكد منها لدى المعلم، في إعداد المواد التعليمية وتقديم الدروس وتقويم أداء المتعلمين، من غير ارتباط بنظرية أو مذهب أو طريقة أو أنموذج. وغالباً ما يمارس هذا النوع من التدريس المصغر في البرامج الختامية أو الاختبارية. وقد يمارس في بداية البرنامج للتأكد من قدرة المتدرب وسيطرته على المهارات الأساسية العامة في التدريس، أو يقوم به المتمرسون من المعلمين بهدف التدرب على إعداد المواد التعليمية وتقديمها من خلال التدريس المصغر، أو لأهداف المناقشة والتحليل أو البحث العلمي.
 
  7- التدريس المصغر العام General Microteaching: يهتم هذا النوع بالمهارات الأساسية التي تتطلبها مهنة التدريس بوجه عام، بصرف النظر عن طبيعة التخصص، ومواد التدريس، ومستوى الطلاب؛ لأن الهدف منه التأكد من قدرة المتدرب على ممارسة هذه المهنة. وغالباً ما يكون هذا النوع من التدريس مقرراً أو ضمن مقرر من المقررات الإلزامية للجامعة أو الكلية، وأحد متطلبات التخرج فيها، وغالباً ما تقوم كليات التربية بتنظيم هذا النوع من التدريب، ويشرف عليه تربويون مختصون في التدريب الميداني. في هذا النوع من التدريس يتدرب المعلمون على عدد من المهارات الأساسية، مثل: إثارة انتباه الطلاب للدرس الجديد، ربط معلوماتهم السابقة بالمعلومات الجديدة، تنظيم الوقت، استخدام تقنيات التعليم، إدارة الحوار بين الطلاب وتوزيع الأدوار بينهم، التحرك داخل الفصل، رفع الصوت وخفضه وتغيير النغمة حسب الحاجة، حركات اليدين وقسمات الوجه وتوزيع النظرات بين الطلاب أثناء الشرح، ملاحظة الفروق الفردية بين الطلاب ومراعاتها، أسلوب طرح السؤال على الطلاب وتوقيته، طريقة الإجابة عن أسئلة الطلاب واستفساراتهم، أساليب تصويب أخطاء الطلاب، ونحو ذلك.
  8- التدريس المصغر الخاص Specific Microteaching: هذا النوع يهتم بالتدريب على المهارات الخاصة بمجال معين من مجالات التعلم والتعليم؛ كتعليم اللغات الأجنبية، والرياضيات، والعلوم الطبيعية، والعلوم الاجتماعية، لمجموعة معينة من الطلاب المعلمين المتخصصين في مجال من هذه المجالات، في كلية أو قسم أو برنامج خاص. وقد يكون التدريب موجهاً إلى فئة من الطلاب ممن لديهم ضعف أكاديمي أو نقص في التدرب على مهارات معينة.     
   والواقع أن بعض الأنواع التي ذكرناها متداخلة ومتشابهة في المداخل والأهداف والإجراءات، بيد أن أهم هذه الأنواع أو التقسيمات وأشملها هو تقسيمها إلى نوعين: التدريب العام، أي التدريب على المهارات العامة في التدريس، والتدريب الخاص على مهارات خاصة بمجال معين، وبخاصة مجال تعليم اللغات الأجنبية؛ لأن كل نوع من الأنواع الستة الأولى يمكن أن يدخل ضمن أحد النوعين الأخيرين؛ السابع والثامن. ونظراً لاهتمامنا في هذا البحث بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها؛ فإننا سوف نقتصر في الحديث على برنامج التدريس المصغر الخاص بمعلمي اللغات الأجنبية، الذي يهتم بالمهارات الخاصة بتعليم اللغة الثانية أو الأجنبية، بعد أن تتوفر في المعلم المهارات الأساسية للتدريس، وقد أشرنا إلى أن هذا النوع يمكن أن يشمل جميع الأنواع السابقة باستثناء النوع السابع، وهو التدريس المصغر العام. 
  مزايا التدريس المصغر وفوائده    
   التدريس المصغر تدريس تطبيقي حقيقي، لا يختلف كثيراً عن التدريب على التدريس الكامل؛ حيث يحتوي على جميع عناصر التدريس المعروفة؛ كالمعلم، والطلاب أو من يقوم مقامهم، والمشرف، والمهارات التعليمية، والوسائل المعينة، والتغذية والتعزيز، والتقويم. وإذا كانت بعض المواقف فيه مصنوعة، فإن فيه من المزايا ما لا يوجد في غيره من أنواع التدريس العادية الكاملة، كالتغذية الراجعة والتعزيز الفوري والنقد الذاتي وتبادل الأدوار ونحو ذلك. وللتدريس المصغر فوائد ومزايا عديدة، لا في التدريب على التدريس وحسب، بل في ميادين أخرى من ميادين التعلم والتعليم، كالتدريب على إعداد المواد التعليمية، وتقويم أداء المعلمين والطلاب، وإجراء البحوث التطبيقية ... وفيما يلي بيان بأهم مزايا التدريس المصغر وفوائده:
  1- حل المشكلات التي تواجه القائمين على برامج إعداد المعلمين ؛ بسبب كثرة المعلمين المتدربين أو نقص المشرفين، أو عدم توفر فصول دراسية حقيقية للتعلم ، أو صعوبة التوفيق بين وقت الدراسة ووقت المتدربين، أو غياب المادة المطلوب التدرب عليها من برنامج التعليم
  2- توفير الوقت والجهد؛ حيث يمكن تدريب المعلمين في التدريس المصغر على عدد كبير من المهارات الضرورية في وقت قصير، وعدم إهدار الوقت والجهد في التدريب على مهارات قد أتقنها المعلمون من قبل، كما أن التدريس المصغر يقلل من الحاجة إلى تدريس كل متدرب جميع المهارات؛ لأن المشاهدة والمناقشة تفيد المشاهد مثلما تفيد المتدرب.
  3- تدريب المعلمين على عدد من مهارات التدريس المهمة، كالدقة في التحضير والتدريس، وتنظيم الوقت واستغلاله، واتباع الخطوات المرسومة في خطة التحضير، واستخدام تقنيات التعليم بطريقة مقننة ومرتبة، وبخاصة جهاز الفيديو، بالإضافة إلى استغلال حركات الجسم في التدريس. 
  4- تدريب المعلمين على إعداد المواد التعليمية وتنظيمها بأنفسهم؛ لأن التحضير للدرس المصغر غالباً ما يحتاج إلى مادة لغوية جديدة يعدها المتدرب بنفسه، أو يعدل من المادة التي بين يديه؛ لتناسب المهارة والوقت المخصص لها.
  5- مناقشة المتدرب بعد انتهاء التدريس المصغر مباشرة، وإمكان تدخل المشرف أثناء أداء المتدرب، وإعادة التدريس، وبخاصة في حالة تدريس الزملاء المتدربين. وتلك أمور يصعب تطبيقها في التدريس الكامل، وبخاصة في الفصول الحقيقية.
  6- اعتماد التدريس المصغر على تحليل مهارات التدريس إلى مهارات جزئية، مما يساعد على مراعاة الفروق الفردية بين المعلمين، من خلال تدريبهم على عدد كبير من هذه المهارات التي قد تغفلها برامج التدريب على التدريس الكامل.
  7- إتاحة الفرصة للمتدرب لمعرفة جوانب النقص والتفوق لديه في النواحي العلمية والعملية والفنية، من خلال ما يتلقاه من التغذية والتعزيز من المشرف والزملاء في مرحلة النقد، مما يتيح له تعديل سلوكه وتطويره قبل دخوله ميدان التدريس حيث لا نقد ولا تغذية ولا تعزيز، كما أنه يساعد على التقويم الذاتي من خلال مشاهدة المتدرب نفسه على شاشة الفيديو.
  8- إتاحة الفرص للمتدربين لتبادل الأدوار بينهم، والتعرف على مشكلات تعليم اللغة الأجنبية وتعلمها عن قرب، وهي مشكلات المعلم والمتعلم، وذلك من خلال الجلوس على مقاعد الدراسة، وتقمص شخصية المتعلم الأجنبي، والاستماع لمعلم اللغة الأجنبية، والتفاعل معه، ثم القيام بدور المعلم وهكذا. (هذه الحالة خاصة بالتدريس للزملاء المتدربين)
  9- اختبار قدرات المعلمين المتقدمين للعمل في مجال تعليم اللغة للناطقين بغيرها؛ حيث يستطيع المخْتَبِرُ اختيار المهارة أو المهارات التي يريد اختبار المعلم فيها دون غيرها، مما يوفر له مزيداً من الوقت والجهد، كما أن التدريس المصغر مهم لتقويم أداء المعلمين أثناء الخدمة، واتخاذ القرار المناسب بشأن استمرارهم في العمل أو حاجتهم إلى مزيد من التدريب والتطوير.
  10- الاستفادة منه في جمع المادة العلمية في الدراسات اللغوية التطبيقية في مدة أقصر من المدة التي يستغرقها جمع المادة في التدريس الكامل. فمن خلال التدريس المصغر يستطيع الباحث رصد أثر تدريس مهارة واحدة أو عدد من المهارات على كفاية المتعلم، كما يستطيع رصد أثر التغذية الراجعة والتعزيز بأنواعه على بناء كفاية المعلم في التدريس، مع القدرة على ضبط المتغيرات الأخرى.
  11- الربط بين النظرية والتطبيق؛ حيث يمكن تطبيق أي نظرية أو مذهب أو طريقة، تطبيقاً عملياً في حجرة الدرس، أثناء الشرح أو بعده لمدة قصيرة، إذا دعت الضرورة إلى ذلك.  
  مهارات التدريس المصغر    
   مهارات التدريس المصغر لا تختلف كثيراً عن مهارات التدريس الكامل، بيد أنه ينبغي النظر إلى التدريس المصغر على أنه مهارة أو مهارات Skills محددة ومقننة، يقتنع بها المعلم، ويسعى إلى فهم أصولها وقواعدها، ثم يتدرب عليها حتى يتقنها؛ لا مهمات Tasks أو إجراءات عملية مؤقتة، يعدل فيها المتدرب حتى يرضي أستاذه أو يقنع زملاءه. وفيما يلي بيان بأهم هذه المهارات، وما يندرج تحتها من مهارات فرعية:
 
  1- مهارات الإعداد والتحضير:
أ- مناسبة خطة التحضير للزمن المخصص للدرس، وللمهارة المطلوبة.
ب- مناسبة المادة اللغوية لمستوى الطلاب وخلفياتهم.
ج- صياغة الأهداف صياغة تربوية، تسهل عملية التدريس والتقويم.
  2- مهارات الاختيار:
أ- اختيار المواد اللغوية والتدريبات المناسبة لمستوى الطلاب وللوقت المحدد للدرس.
ب- اختيار الأسئلة المفيدة والمناسبة لمستوى الطلاب، وكذلك الإجابات عن استفساراتهم.
ج- اختيار الوسائل التعليمية المحققة للأهداف، مع قلة التكاليف وسهولة الاستخدام.
د- اختيار الأنشطة المفيدة والمحببة للطلاب، كالحوار والتمثيل وتبادل الأدوار.
هـ- اختيار الواجبات المنزلية المرتبطة بمادة الدرس، والمناسبة لمستوى الطلاب.
و- اختيار مظهر أو مشهد من ثقافة اللغة الهدف؛ كأسلوب البدء في الكلام وإنهائه، وآداب استخدام الهاتف، وطريقة الاستئذان لدخول المنزل أو الفصل، وتقديمها للطلاب بأسلوب واضح يمثل ثقافة اللغة الهدف.
  3- مهارات التوزيع والتنظيم:
أ- توزيع الوقت بين المهارات والأنشطة بشكل جيد، وفقاً لخطة التحضير.
ب- توقيت الكلام والسكوت والاستماع إلى كلام الطلاب والإجابة عن استفساراتهم وإلقاء الأسئلة عليهم، وعدم استئثار المعلم بالكلام معظم الوقت. 
ج- توزيع الأدوار على الطلاب والنظرات إليهم بشكل عادل، مع مراعاة ما بينهم من فروق فردية.
د- تنظيم الوسائل المعينة بشكل جيد، واستخدامها في الوقت المناسب فقط.  
  4- مهارات التقديم والتشويق والربط:
أ- التقديم للدرس في مهارة محددة (فهم المسموع الكلام القراءة - الكتابة) ولمستوى معين (المبتدئ – المتوسط - المتقدم). 
ب- إثارة انتباه الطلاب وتشويقهم للدرس الجديد، وربط معلوماتهم السابقة بالمعلومات الجديدة، مع مراعاة مستوياتهم في اللغة الهدف.
ج- المحافظة على حيوية الطلاب وتفاعلهم مع الموضوع طوال الدرس.
د- ربط ما تعلمه الطلاب في الدرس بالحياة العامة، كتقديم موقف اتصالي طبيعي من خلال ما قدم للطلاب في الدرس من كلمات وعبارات وجمل.
هـ- تشويق الطلاب للدرس القادم، وتشجيعهم للتفكير فيه والاستعداد له.
  5- مهارات الشرح والإلقاء:
أ- وضوح الصوت، والطلاقة في الكلام، والدقة في التعبير.
ب- رفع الصوت وخفضه، وتغيير النغمة الصوتية، والتكرار عند الحاجة.
ج- بيان معاني الكلمات والعبارات الجديدة في النص المقروء أو المسموع، عن طريق الشرح أو التمثيل أو تقديم المرادف أو المضاد.
د- التفريق بين الكلمات الحسية والمفاهيم المجردة، مع مراعاة مستوى الطلاب وخلفياتهم السابقة عن هذه الكلمات.
هـ- شرح القاعدة الجديدة، وربطها بالقواعد السابقة، وطريقة استنباطها من النص، والقدرة على تلخيصها بأسلوب مفهوم ومناسب لمستوى الطلاب.
  6- مهارات التعزيز:
أ- القدرة على حفظ أسماء الطلاب، ومناداة كل طالب باسمه الذي يحب أن ينادى به.
ب- استعمال عبارات القبول والمجاملة التي تشجع المصيب، وتشعر المخطئ بخطئه بطريقة غير مباشرة. 
  7- مهارات الأسئلة والإجابات:
أ- اختيار السؤال والوقت المناسب لطرحه، واختيار كلماته وعباراته التي تناسب مستوى الطلاب وتفيدهم في الدخل اللغوي.
ب- صياغة السؤال صياغة سليمة وموجزة، والتأكد من فهم الطلاب له.
ج- تنويع الأسئلة من حيث الطول والعمق والابتكار.
د- الإجابة عن سؤال الطالب؛ إجابة موجزة أو كاملة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، من قبل المعلم أو أحد الطلاب، والوقت المناسب لذلك.
  8- مراعاة مستوى الطلاب:
أ- مراعاة المعلم لمستوى الطلاب في طريقة النطق، وسرعة الحديث أثناء الشرح.
ب- استعمال الكلمات والعبارات والجمل والنصوص المناسبة لهم، والتي تقدم لهم دخلاً لغوياً مفهوماً يفيدهم في اكتساب اللغة الهدف.
ج- التفريق بين الأخطاء والمشكلات التي تتطلب معالجة في الحال والأخطاء والمشكلات التي يمكن تأجيلها إلى مراحل لاحقة. 
د- التفريق بين الموضوعات النحوية والصرفية التي يجب شرحها بالتفصيل والموضوعات التي ينبغي أن تقدم على مراحل. 
  9- مراعاة الفروق الفردية:
أ- القدرة على ملاحظة الفروق الفردية بين الطلاب في الخلفيات اللغوية والثقافية والاجتماعية.
ب- مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب في الاستيعاب والإنتاج وقدراتهم على التفاعل مع المعلم والزملاء، وظهور ذلك في حركات المعلم داخل الفصل، وطرح الأسئلة عليهم، وتقبل إجاباتهم، وتحمل أخطائهم.
ج- مراعاة الفروق الفردية في تصويب الأخطاء؛ تصويباً مباشراً أو غير مباشر؛ من قبل المعلم أو أحد الطلاب، والوقت المناسب لذلك.
د- الاستفادة من ذلك كله في تقسيم الفصل إلى مجموعات متعاونة، يستفيد كل عضو منها من مجموعته ويفيدها.
  10- مهارات الحركة:
أ- التحرك داخل الفصل؛ أمام الطلاب، وبين الصفوف والممرات، وفي مؤخرة الفصل، بطريقة منظمة وهادئة.
ب- تغيير النشاط أثناء التدريس، أي الانتقال من مهارة إلى أخرى؛ كالانتقال من الاستماع إلى الكلام، ومن الكلام إلى القراءة، ومن القراءة إلى الكتابة.
ج- توزيع الأدوار بين الطلاب وإدارة الحوار بينهم، وبخاصة أسلوب الالتفات والانتقال من طالب إلى آخر.
د- استخدام حركات اليدين وتغيير قسمات الوجه أثناء الشرح بشكل جيد ومعتدل، وتوزيع النظرات إلى الطلاب حسب الحاجة.
هـ- استخدام التمثيل بنوعيه؛ المسموع والصامت، وممارسة ذلك في التدريس بطريقة معتدلة؛ تناسب الموقف.
  11- مهارات استخدام تقنيات التعليم: 
أ- تحديد الوسيلة التعليمية المناسبة لكل مهارة، وكيفية استخدامها، والهدف منها.
ب- تحضير الوسيلة وتنظيمها بشكل جيد، ثم عرضها في الوقت المناسب.
ج- قدرة المعلم على إعداد الوسائل بنفسه، مع البساطة وقلة التكاليف.
د- الاعتدال في استخدام الوسائل التعليمية؛ بحيث لا تطغى على محتوى المادة اللغوية، أو تشغل المعلم أو الطلاب.
  12- مهارات التدريب والتقويم:
أ- إجراء التدريب في مهارة أو نمط لطلاب في مستوى معين، مع القدرة على ربط ذلك باستعمال اللغة في ميادين مختلفة.
ب- تقويم الطلاب في المهارة المقدمة، وتحديد مواطن القوة ومواطن الضعف فيها لدى الطلاب.
ج- ربط التقويم بالأهداف السلوكية المرسومة في خطة التحضير.    
  مراحل التدريس المصغر:
  المرحلة الأولى: الإرشاد والتوجيه
  مرحلة الإرشاد والتوجيه هذه مسؤولية الأستاذ المشرف على التدريب أو أستاذ المقرر الذي يطبق من خلاله التدريس المصغر. يبدأ المشرف هذه المرحلة بتوجيهات عامة وشاملة تقدم لجميع المتدربين في الفصل، شفهياً أو تحريرياً، ويفضل أن يكتفي بتقديم الخطوط العامة؛ لأن إغراق المتدربين بالتفصيلات الجزئية قد تربكهم أو تقلل من إبداعهم، ويستثنى من ذلك المهارات والمهمات التي ينبغي الاهتمام بها بشكل خاص. وغالباً ما تبنى هذه التعليمات على ما قدم للمتدربين من نظريات واتجاهات ومذاهب في المواد النظرية المقررة. وقد تقدم لهم هذه التوجيهات بطريقة غير مباشرة؛ في شكل نماذج يقوم المشرف بأدائها عملياً أمام المتدربين، أو يستعين بمعلمين مهرة، أو يعرض عليهم درساً مسجلاً على شريط فيديو، ثم يناقشهم في نقاط القوة ونقاط الضعف فيما شاهدوه، ويفضل أن يقدم لهم عدداً من الدروس الحية والمسجلة بأساليب مختلفة وإجراءات متنوعة. وقد يرشد المشرف طلابه إلى قراءة ما كتب حول إعداد التدريس المصغر.
  المرحلة الثانية: المشاهدة  
  هذه المرحلة مكملة للمرحلة السابقة، مرحلة الإرشاد والتوجيه؛ حيث تتداخل معها في كثير من الحالات والمواقف، بل إن بعض خطوات التوجيه والإرشاد قد تكون أثناء المشاهدة أو قبلها أو بعدها بقليل. والمشاهدة غالباً ما تتم على مرحلتين: المشاهدة المبدئية التي تهدف إلى إطلاع المتدربين على ما يجري في فصول تعليم اللغة الهدف، والمشاهدة التدريبية النقدية التي يقوم بها المتدربون للنقد والحوار والتعزيز. وفي كلتا المرحلتين ينبغي أن تكون المشاهدة منظمة وموجهة إلى مهارات ومهمات وأنشطة محددة، وقد يستعين المشاهدون بنماذج مكتوبة تحتوي على المهارات والأنشطة المطلوب ملاحظتها ونقدها.  
  والمشاهدة قد تكون حية في فصول دراسية حقيقية، وقد تكون مسجلة على شريط فيديو من دروس حية أو مسجله لأغراض التدريب. ولكل حالة مزايا وعيوب، ومن الأفضل الجمع بينهما؛ حيث يبدأ المتدربون في المشاهدة الحية في فصول تعليم اللغة إن أمكن ذلك، ثم ينتقلون إلى مشاهدة الدروس المسجلة. وقد أظهرت الدراسات التي أجريت في هذا الموضوع أن استخدام التسجيل أفضل من المشاهدة الحية في الفصل لمرة واحدة أو مرات محدودة، وبخاصة مع المتدربين الجدد. كما أثبتت الممارسة العملية أن مشاهدة التدريس المصغر المسجل على شريط فيديو يفوق الدروس المشاهدة في الفصل فقط؛ لأسباب كثيرة، منها: توفير الوقت والجهد، وسهولة اختيار المواقف المراد مشاهدتها، وتنويع المهارات والتحكم في الأنشطة، وإمكان المناقشة أثناء المشاهدة، بالإضافة إلى مراعاة الفروق الفردية بين المتدربين؛ حيث يستطيع كل متدرب مشاهدة الدرس وحده، وفهم النقاط التي أثيرت في الحوار، وتحسين أدائه بناء على ذلك. 
  ومن الأفضل أن يحضر المشرف المشاهدة، وبخاصة مع المتدربين الجدد، سواء أكانت المشاهدة حية أم مسجلة؛ لإرشادهم وتوجيههم نحو الاستفادة منها، والإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم. وإذا لم يكن لدى المشرف وقت كاف لحضور جميع الدروس، بسبب كثرة المتدربين، فمن الأفضل تقسيمهم إلى مجموعتين أو ثلاث مجموعات، يجلس مع كل مجموعة جزءاً من الوقت، وينيب عنه مساعده أو أحد النابهين من المعلمين، وقد يتعمد التغيب عن المشاهدة أحياناً، ويتركهم يديرون الدروس والحوارات بأنفسهم؛ لطمأنتهم، وزرع الثقة في نفوسهم.    
  وفي حالة استخدام الدروس المسجلة على شريط فيديو، ينبغي عرض بعض مواقف التدريس غير المرغوب فيها، على أن تكون قليلة قدر الإمكان، وألا تقدم في بداية المشاهدة، وبخاصة أمام المتدربين الجدد، مع ضرورة التنبيه عليها، وتقديم المواقف البديلة الصحيحة.  
  وقد لوحظ أن التسجيل قد ينتج عنه مشكلات معينة لدى بعض المتدربين، غير أن معظم هذه المشكلات تزول بعد فترة قصيرة. ولتلافي بعض هذه المشكلات؛ ينصح بالتدريب على التسجيل ومشاهدة المتدرب نفسه على الشاشة قبل التسجيل الأخير، لأن بعض المتدربين قد ينشغلون للمرة الأولى بالصورة ويهتمون بها على حساب التدريس، وبخاصة من لم يمارسوا ذلك ولم يروا أنفسهم في الشاشة من قبل. 
  وإذا لم تتوفر الأجهزة اللازمة، ولم تتح فرص للمشاهدة الحية؛ فإن المشرف نفسه يمكن أن يقوم بعرض نماذج حية لكل مهارة أو موقف أو مهمة، ويمكن أن يستعين ببعض المعلمين القادرين على تنويع المواقف والأنشطة حسب المهارة المطلوبة. 
  المرحلة الثالثة: التحضير للدرس  
  بعد أن يقدم الأستاذ المشرف لطلابه النموذج الذي ينبغي أن يحتذي أو يستأنس به، ويمدهم بالمعلومات الضرورية، ويتيح لهم فرص المشاهدة؛ تبدأ مسؤولية المعلم المتدرب في التحضير لدرسه. والتحضير للدرس المصغر يختلف من حالة إلى أخرى، لكنه غالباً ما يحتوي على العناصر التالية:
  1- تحديد المهارة أو المهارات المراد التدرب عليها وممارستها.
  2- تحديد أهداف الدرس الخاصة والسلوكية، وكيفية التأكد من تحققها.
  3- تحديد الأنشطة التي سوف يتضمنها الدرس، سواء أنشطة المعلم، كالتقديم للدرس، والشرح، وطرح الأسئلة، والتدريب والتقويم؛ أو أنشطة الطلاب، كالإجابة عن الأسئلة، وتبادل الأدوار، والكلام والقراءة والكتابة.   
  4- تحديد مدة التدريس، وتوزيع الوقت بين المهمات والأنشطة بدقة.
  5- تحديد مستوى الطلاب، إن كانوا من الزملاء المتدربين، ومعرفة مستواهم إن كانوا من الطلاب المتعلمين.
  6- إعداد المادة اللغوية المطلوبة، أو اختيارها من مواد أو كتب مقررة، مع ذكر المصدر أو المصادر التي اعتمد عليها المتدرب.
  7- الإشارة إلى الطريقة التي اعتمد عليها، والمذهب الذي انطلق منه في التحضير للدرس، مع ذكر المسوغات لذلك.
  7- تحديد الوسائل التعليمية التي سوف يستعين بها المتدرب، وبيان المسوغات لاستخدامها، والأهداف التي سوف تحققها.
  8- تحديد أدوات التقويم وربطها بأهداف الدرس.
  ومن الأفضل تحديد الزمن الذي يستغرقه التحضير للدرس المصغر، والالتزام به قدر الإمكان، وتدريب المعلمين على ذلك؛ لأن هذا مما يساعدهم في تنظيم الوقت أثناء التحضير للدرس الكامل فيما بعد؛ إذ ليس من المعقول أن يمضي المتدرب ساعات عدة لتحضير درس لا يستغرق تقديمه سوى بضع دقائق، ولو كان الأمر كذلك لاستغرق تحضير الدرس الكامل عدداً من الأيام، وهذا أمر غير ممكن. وإذا اشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، فينبغي توزيع مسؤولية التحضير بينهم، كل فيما يخصه. وقد تقوم المجموعة المتدربة، المشتركة في درس واحد، بممارسة بعض الأنشطة وتجريبها وتبادل الأدوار في ذلك أثناء التحضير، أي قبل عرض الدرس في الفصل أمام الأستاذ المشرف؛ لتخفيف التوتر وإزالة الرهبة، والتأكد من توزيع المهمات حسب الوقت المحدد لها.


 
  المرحلة الرابعة: التدريس    
   هذه هي المرحلة العملية التي يترجم فيها المتدرب خطته إلى واقع عملي؛ حيث يقوم بإلقاء درسه حسب الخطة التي رسمها، والزمن الذي حدده لتنفيذها. وهذه المرحلة تشمل كل ما وضع في خطة الدرس، من مهارات وأنشطة، وعلى المتدرب أن يتنبه للوقت الذي حدده لنفسه؛ بحيث لا يطغى نشاط على آخر، ولا يخرج عن الموضوع الأساس إلى موضوعات أو قضايا جانبية؛ فينتهي الوقت قبل اكتمال الأنشطة المرسومة.  
   ومن المهم أن يحضر المشرف جميع وقائع التدريس، ما لم يكن مشغولاً مع مجموعات أخرى، أو يشعر بأن وجوده في الفصل يؤثر على أداء المتدرب. وإذا لم يحضر فعليه أن ينيب مساعده أو أحد النابهين من المعلمين، ويمده بالتعليمات والمعلومات الضرورية. وإذا حضر فمن الأفضل أن يجلس هو والزملاء المتدربون في الفصل على مقاعد الدراسة، يستمعون إلى الدرس ويدونون ملحوظاتهم؛ تمهيداً لتقويم الدرس، ومناقشته فيما بعد.   
  وإذا اشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، فينبغي التزام كل واحد منهم بالوقت المحدد له، وعلى المشرف أو من يقوم مقامه أن يتنبه لذلك؛ حتى لا تتداخل المهمات، وتختل الخطة بكاملها. ومن الأفضل تحديد فترة لا تزيد عن دقيقتين، تفصل بين كل متدربين، ولا تحسب ضمن المدة المقررة للتدريس.   
  إن من أهم ما يميز هذه المرحلة هو تبادل الأدوار بين المتدربين، وبخاصة إذا كان التدريس المصغر يقدم للزملاء من المعلمين؛ حيث يقوم كل واحد منهم بدور معين؛ بدءاً بالتحضير والتدريس، ومساعدة زميله المتدرب في تشغيل جهاز الفيديو ومراقبته، وانتهاء بالجلوس في الفصل على مقاعد الدراسة، والتفاعل مع المعلم كما لو كان طالباً من متعلمي اللغة الأجنبية. ولا شك أن هذه الحالة، وإن غلب عليها التصنع والتكلف، مفيدة لكل من المتدرب والمشاهد، ومهمة في التغذية والتعزيز، وتطوير عملية التدريس. فالمتدرب سوف يتلقى تغذية مفيدة من زملائه المشاهدين، والمشاهد سوف يقدر موقف كل من المتدرب والمتعلم الأجنبي، ويستفيد من ذلك كله عندما يقف معلماً أمام زملائه أو أمام متعلمي اللغة الأجنبية في فصول حقيقية. 
  وفي هذه المرحلة يتم تسجيل الدرس على شريط فيديو، وهي عملية يقوم بها مهندس التسجيل أو المسؤول عن المختبر، أو أحد الزملاء المتدربين، وقد يقوم بها الأستاذ المشرف أو يشارك فيها أحياناً؛ لإظهار الانشغال عن المتدرب، وبخاصة إذا شعر أن وجوده في الفصل يربك المتدرب أو يؤثر على أدائه.

  المرحلة الخامسة: الحوار والمناقشة

 
  تعد هذه المرحلة من أصعب المراحل وأكثرها تعقيداً وشفافية، وبخاصة فيما يتعلق بحضور الأستاذ المشرف ومشاركته فيها؛ لأنها لا تقتصر على التحليل والحوار، وإنما تشمل أيضاً النقد وإبداء الرأي في أداء المعلم المتدرب. فقد رأى كثير من الباحثين ضرورة حضور الأستاذ المشرف في هذه المرحلة؛ لإدارة الحوار وتوجيه المناقشة توجيها سليماً، وإبداء رأيه في أداء المتدرب إذا لزم الأمر، وقد أيد هذا الرأي بعض الدراسات الميدانية المقارنة. بيد أن نتائج دراسات أخرى في هذا الجانب قد أشارت إلى أن حضور المشرف في هذه المرحلة قد يؤثر تأثيراً سلبياً على سير الحوار والمناقشة، ويقلل من قدرة المتدرب وزملائه على إبداء رأيهم بحرية تامة ، فقد ينظر المعلم إلى رأي أستاذه نظرة أمر، ولا يتجرأ على إبداء رأيه الخاص، بينما يتحدث مع زملائه ويناقشهم بحرية تامة. وأياً كان الأمر، فإن حضور الأستاذ المشرف ضروري في معظم الحالات، بيد أن الأمر متروك له وحده؛ لأنه هو القادر على تقدير الموقف، وتقرير ما إذا كان حضوره ضرورياً في حالة من الحالات أو موقف من المواقف. ومرحلة الحوار والمناقشة هذه يمكن أن تتم بطريقتين: 
  الأولى: تدريس فنقد؛ حيث يبدأ الحوار والنقاش بعد التدريس مباشرة، أي قبل تدريس المعلم الآخر، وهذه هي الطريقة المثلى، غير أنها قد تسبب تخوف المتدربين من التدريس، وتقلل من مشاركتهم، لكن ذلك غالباً ما يزول بمرور الوقت والحوار الهادئ البناء.
  الثانية: تدريس فتدريس؛ وفي هذه الحالة يؤدي جميع المتدربين التدريس المصغر، ثم يبدأ الحوار والنقد واحداً تلو الآخر، وهذه الطريقة تقلل من فائدة التغذية والتعزيز، وبالتالي تقل من أهمية الحوار والنقد، وبخاصة إذا كان عدد المتدربين كثيراً. غير أن هذه الطريقة قد يُلجأ إليها عندما يشترك مجموعة من المتدربين في تقديم درس كامل لمتعلمين حقيقيين، كل واحد منهم يقدم جزءاً منه، ففي هذه الحالة يجب تأخير الحوار والنقد بعد انتهائهم من الدرس، حتى لا تنقطع السلسلة، وحتى لا يرتبك المتعلمون.      
   وقبل أن تبدأ مرحلة الحوار والمناقشة، ينبغي تشغيل جهاز الفيديو ومشاهدة الدرس، الذي غالباً ما يستغرق بضع دقائق، هي مدة الدرس السابق. يوقف الجهاز بعد ذلك مدة قصيرة؛ ليتحدث المشرف خلالها عن الدرس؛ فيشيد بجهد المتدرب وقدراته، ويشير إلى نقاط القوة لديه، ويشجعه على تقبل النقد، وتوضيح موقفه بحرية تامة. ثم يعطيه الفرصة لشرح طريقته في الإعداد والتقديم، وإبداء رأيه وتوضيح موقفه من بعض القضايا، في مدة لا تتجاوز ثلاث دقائق. ثم يلقي المشرف على الحضور بعض الأسئلة التي تثير الحوار، وتنبههم إلى أهم القضايا والنقاط التي ينبغي أن تناقش. وعلى المشرف ألا يفرض رأيه على الحضور، بل يتركهم يتوصلون إلى النتائج السليمة بأنفسهم، وخير ما يعين على ذلك أن يفتتح الحوار، ثم يلخص آراء المشاركين، ثم يناقشهم فيما يختلف معهم فيه، أو ينبههم إلى القضايا التي أهملوها، وقد يلجأ إلى تذكيرهم بما درسوه في المحاضرات السابقة أو شاهدوه من دروس ونماذج. ولا شك أن سيطرة المشرف على النقاش يعتمد على درجة المناقشة وأهميتها؛ فإذا كان النقد بناء والمتدرب حريصاً على التغذية والتعزيز من زملائه، فإنه يستحسن عدم تدخل المشرف، وإن لاحظ إحجام الحضور وضعف النقاش، تَدَخَّل ووجه المناقشة توجيهاً قوياً وسليماً. ويفضل أن يكون جهاز الفيديو مفتوحاً خلال النقاش؛ يُشَغَّل ويوقف عند الحاجة. وقد يتطلب الأمر تدخل الأستاذ المشرف لتنبيه المتدرب إلى بعض النقاط التي قد غفل عنها، فإن لم يستطع المتدرب توضيحها للحضور، طلب المشرف من الحضور إبداء رأيهم فيها قبل أن يوضحها بنفسه، وقد يتطلب هذا الإجراء إعادة الشريط حول هذه النقطة مرة أو مرتين أو ثلاث مرات.    
  لكن ما القضايا التي ينبغي أن تناقش في هذه المرحلة؟ للإجابة عن هذا السؤال نذكر بأن التدريس المصغر غالباً ما ينطلق من نظرية أو مذهب أو طريقة قدمت للمتدربين في الدروس النظرية، وقد يعتمد على توجيه المشرف طلابه نحو استراتيجيات معينة، أو يقوم على نموذج يقدمه لهم حياً أو مسجلاً، ويرى أنه النموذج الذي ينبغي احتذاؤه. فيناقش في هذه المرحلة كل ما يتعلق بالنظرية أو المذهب أو الطريقة أو غيرها مما قدم في الدروس النظرية، كما يناقش في هذه المرحلة كل ما له علاقة بالنموذج الذي اتفق عليه. كما نذكر بقائمة التقويم التي كانت مع المشرف والزملاء؛ ليعودوا إليها ويناقشوا ما دونوه فيها من ملحوظات.    
   وينبغي أن يدرب المشرف طلابه المعلمين على إثارة النقاط المهمة ولو بدت صغيرة، والابتعاد قدر الإمكان عن القضايا الجزئية الجانبية. ومما يساعد المتدربين على ذلك تقديم قائمة بالمهارات والمهمات والأنشطة التي ينبغي ملاحظتها ومناقشتها والبحث فيها. وعلى المتدرب وزملائه أن يدونوا جميع النقاط التي نوقشت في هذا الحوار في مذكرات خاصة؛ للاستفادة منها في المرحلة التالية، التي هي إعادة التدريس، والتي هي موضوع الحديث في الفقرة التالية.

  المرحلة السادسة: إعادة التدريس

  تعد مرحلة إعادة التدريس مرحلة مهمة من مراحل التدريس المصغر إذا دعت الحاجة إليها؛ لأن نتائج الحوار وفوائده لا تظهر لدى غالبية المتدربين إلا من خلال إعادة التدريس. وقد تعاد عملية التدريس مرة أو مرات حتى يصل المتدرب إلى درجة الكفاية المطلوبة، بيد أن الحاجة إلى إعادة التدريس تعتمد على نوع الأخطاء التي يقع فيها المتدرب وكميتها، وجوانب النقص في أدائه، وأهمية ذلك كله في العملية التعليمية، بالإضافة إلى طبيعة المهارات المطلوب إتقانها، وعدد المتدربين، وتوفر الوقت. والأستاذ المشرف هو صاحب القرار في إعادة التدريس وعدد المرات، بعد أن تتوفر له المعلومات اللازمة لذلك.    
  وقد دلت بعض الدراسات المسحية على أن إعادة التدريس غير مطبقة في كثير من برامج التدريب؛ إما لكثرة المتدربين وضيق الوقت، وإما لاقتناع القائمين على التدريب بعدم جدواها. وتشير نتائج بعض الدراسات الميدانية إلى أن الدرجة التي يحصل عليها المتدرب في إعادة التدريس لا تختلف كثيراً عن الدرجة التي حصل عليها في التدريس الأول، وقد تكون أقل منها، ولعل السبب في ذلك هو الطريقة التي كانت تؤدى بها إعادة التدريس، لا الإعادة بحد ذاتها. بل إن بعض المهتمين بهذا الأمر يرون أن إعادة التدريس مرحلة انتهت مع انتهاء الاتجاه السلوكي التقليدي، أما الآن، وفي ضوء الاتجاهات المعرفية، فإن التنبيه على السلوك كاف لتغييره.   
  ولكي تكون إعادة التدريس مفيدة وفعالة؛ ينبغي ألا يفصل بين التدريس وإعادته أكثر من أسبوع؛ لأن طول الفترة بين التدريس وإعادته قد يقود إلى نسيان بعض النقاط التي أعيد التدريس من أجلها. ولا شك أن الإعداد والتحضير لإعادة التدريس لن يستغرق مدة تساوي مدة الإعداد للدرس الأول؛ لأن إعادة التدريس غالباً ما يركز فيها على الأخطاء ونقاط الضعف في الدرس السابق، مع الاحتفاظ بالخطوات والعناصر الجيدة فيه. ويرى بعض الباحثين أن يعاد الدرس بعد الحوار مباشرة في مدة لا تتعدى بضع ساعات، بل إن منهم من يرى ألا تزيد هذه المدة عن خمس عشرة دقيقة، هي مدة التحضير لإعادة التدريس. غير أن الواقع أثبت أن المتدرب يحتاج إلى وقت أطول، لا للتحضير وحسب، بل للراحة والاطمئنان النفسي والمراجعة.

  المرحلة السابعة: التقويم

 
     يقصد بالتقويم هنا تقويم أداء المتدرب، ويتم ذلك من خلال ثلاث قنوات: الأولى تقويم المتدرب نفسه([52]) ، ويخصص لها ثلاثون بالمائة من الدرجة، والثانية تقويم الزملاء المعلمين، ويخصص لها أربعون بالمائة من الدرجة، والثالثة: تقويم الأستاذ المشرف، ويخصص له ثلاثون بالمائة من الدرجة. وينبغي أن يكون هذا التقويم موضوعياً؛ حيث يتكون من مجموعة من الأسئلة، تحتها خمسة خيارات، ويفضل ألا يذكر اسم المقوِّمُ، حتى لا يؤثر على التقويم. وقد يكون التقويم في شكل استبانه، تحتوي على أسئلة مغلقة وأخرى مفتوحة؛ يقدم المشارك فيها آراءه واقتراحاته حول التدريس المصغر.

  المرحلة الثامنة: الانتقال إلى التدريس الكامل

   لكي يؤدي التدريس المصغر دوره، وليستفاد منه في الميدان؛ يحتاج المتدرب إلى الانتقال من التدريس المصغر إلى التدريس الكامل، غير أن الانتقال ينبغي ألا يتم فجأة، وإنما يتم بالتدريج. والتدرج في تكبير الدرس يكون بزيادة في زمنه؛ من خمس دقائق إلى خمس وعشرين دقيقة مثلاً، وفي عدد المهارات؛ من مهارة واحدة إلى عدد من المهارات، وفي عدد الحضور؛ من خمسة طلاب إلى عشرة طلاب، وقد يكونون من المتعلمين الحقيقيين، بدلاً من الزملاء المتدربين.
في المرحلة الأولى من تكبير الدرس ينبغي أن يشترك في الدرس الواحد أكثر من متدرب، حيث يؤدي كل متدرب جزءاً كاملاً من الدرس؛ كأن يبدأ الأول بالتقديم للدرس الجديد وربطه بالدرس السابق، ثم يأتي زميله الثاني فيشرح قاعدة الدرس، يليه الثالث لتدريب الطلاب عليه وتقويم أدائهم. ثم يُبدأ في تقليل عدد المتدربين المشاركين في الدرس الواحد، من ثلاثة طلاب إلى اثنين، ثم يستقل كل متدرب بدرس خاص في نهاية التدريب. وفي هذه المرحلة ينبغي أن يستمر التسجيل بالفيديو، وكذلك الحوار والمناقشة، لكن إعادة التدريس غير مطلوبة.  
نماذج من التدريس المصغر

- شعبة الطفولة

- شعبة اللغة العربية
- شعبة اللغة الإنجليزية
التدريس المصغر لشعبة طفولة
اللقاء الأول:
  • تم اختيار مجموعة من طالبات شعبة طفولة لحضور ورشة عمل التدريس المصغر.
  • تم عرض مجموعة من الأنشطة النموذجية التي تم تصويرها في الروضة علي الطالبات.
  • ثم مناقشة هذه الأنشطة وما قامت به المعلمة في الروضة ونواحي القوة والضعف والإيجاب والسلب.
  • طلب من الطالبات إعداد أنشطة نموذجية في اللقاء القادم للتدريس المصغر.
اللقاء الثاني:
  • قامت الطالبات في هذا اللقاء بعرض مجموعة من الأنشطة الخاصة بالرياض كالآتي :-
  • طالبة قامت بعرض نشاط معرفي عن أجزاء الجسم.
  • طالبة قامت بعرض نشاط عن الحروف الأبجدية .
تم خلال هذا النشاط عرض الحيوانات التي تبدا بالحروف,الحديث عن الألوان.
ثم حكت الطالبة  قصة عن الأسد ملك الغابة.( نشاط قصص).
اللقاء الثالث:
  • قامت طالبة بعرض نشاط عن الملابس.
وتطرقت للنشاط الاجتماعي من ملابس المهن وملابس الكبار والصغار.
وقامت بعرض نشاط علمي عن تطور البذرة إلى قطن وصناعة الخيوط والأقمشة ثم الملابس وتناولت القصة قيمة مهارة التعاون كمهارة اجتماعية وقيمة عطف الكبير علي الصغير ورعايته.
  • ثم قامت طالبة بعرض معرض نشاط عن فصول السنة الأربعة واهم ما يميز هذه الفصول. ثم قصت الطالبة قصة عن هند وشجرة الفل.
  • ثم قامت طالبة بعرض نشاط قصص عن النملة والفيل المغرور.


نماذج من التدريس المصغر شعبة اللغة العربية:
اللقاء الأول:
  • تم اختيار مجموعة من طالبات الفرقة الثالثة شعبة لغة عربية.
  • تم عرض درس نموذجي في اللغة العربية للمرحلة الإعدادية علي الطلبة.
  • ثم تناقش الطلاب والمشرف اللقاء حول ما قام به المعلم من إيجابيات وسلبيات.
  • وتم تحديد لقاء آخر لكي يشرح بعض الطلاب دروس في حجرة التدريس المصغر.
  اللقاء الثاني:
  • تم حضور طلاب الفرقة الثالثة شعبة لغة عربية في الميعاد المحدد.
  • قام بعض الطلاب بعرض شرح لدروس أمام زملائهم كالآتي:
  • طالب قام بعرض درس في القواعد اللغوية( النحو) بعنوان تأنيث الفعل مع نائب الفاعل.
حيث قام الطالب بكتابة الأمثلة أولا علي السبورة.
ثم شرح هذه الأمثلة لزملائه الطلبة وتناقش معهم حولها.
ثم استخلاص القاعدة اللغوية.
  1. قام الطالب بمناقشة زملائه في الدرس السابق الذي يترتب علية هذا الدرس.
اللقاء الثالث:
قامت طالبة وشرحت درس من دروس النحو مصادر الأفعال الخماسية والسداسية.
طالبة شرحت درس اختيار الأصدقاء.
درس قراءة
  • فائدة الصديق الصالح.
  • كيفية اختيار الصديق.
  • مميزات الصديق الصالح.
مناقشة زملائها حول معني الصداقة وصفات الصديق ثم طلبت منم الطلاب زملائها قراءة الدرس.
  • ثم تحديد مدي الاستفادة من درس اختيار الصديق.
  • طالب شرح درس الأفعال الخمسة.


تدريس مصغر لشعبة اللغة الإنجليزية:
اللقاء الأول:
  • تم اختيار مجموعة من طلاب الفرقة الثالثة شعبة اللغة الإنجليزية لحضور ورش عمل التدريس المصغر.
  • في الجلسة الأولى استمع الطلاب إلى شرح نموذجي لدرس من دروس اللغة الإنجليزية للصف الأول الثانوي وهو قاعدة( If) وحالتها الثلاثة.
  • بعد ذلك تناقش الأستاذ الدكتور احمد سيف مع طلاب الفرقة الثالثة حول نقاط القوة والضعف حول الحصة التي عرضت عليهم.
  • طلب الدكتور احمد سيف من الطلاب تجهيز درس نموذجي لعرض في اللقاء القادم.
اللقاء الثاني:
- في بداية اللقاء ناقش الدكتور احمد سيف مع الطلاب كيفية تناول المدرس للدرس. مع شرح خطوات التدريس داخل الحصة.
- قامت طالبة بشرح درس من دروس اللغة الإنجليزية Unit 16 Lesson 1 .
- واتبعت الخطوات التي تم تدريبها عليها من التمهيد أولا ثم عرض الدرس والتقويم. ثم عقب شرح الطالبة الأستاذ الدكتور احمد سيف حول خطوات ومراحل الدرس والقصور التي وقعت فيه الطالبة أثناء عرضها للدرس. وتقسيم السبورة والتعليق علي الكتابة وحجم الخط علي السبورة. ثم تم عرض شريط الفيديو المسجل للطالبة أثناء شرحها علي الطلاب لتحديد اوجه القصور التي وقعت فيه وتحديد نقاط القوة التي تميزت بها.
  • تحديد موعد آخر للقاء الثالث للتدريس المصغر.



اللقاء الثالث:
  • في هذا اللقاء قامت طالبة بشرح درس بعنوان Things we can do .
  • وقامت باتباع التعليمات التي ناقشها معهم أ.د  احمد سيف .
من حيث تنظيم السبورة والتمهيد للدرس وخطوات الدرس والتقويم ومناقشة زملائها.
بعد الشرح تم عرض الشريط علي الطلاب لمناقشتهم في أداء الطالبة وتقويم هذا الأداء وتطبيق خطوات الدرس علي شرح الطالبة وقد تم مناقشة ذلك مع أ.د. احمد سيف.
  • بعد ذلك قامت طالبة أخرى بإجراء تطبيقات وحل تمارين علي ما شرحته زميلتها مراعية في ذلك المعايير والخطوات النموذجية التي تم الاتفاق عليها.

الذكاءات المتعددة

تعتبر نظرية جاردنر Howard Garduer من النظريات المفيدة في معرفة أساليب التعلم وأساليب التدريس فأنها تكتشف مواطن القوة والضعف عند المتعلم. ويرى جاردنر أن الذكاء عبارة عن تسع قدرات تمثل الذكاء العام عند المتعلم. والذكاء عند جاردنر عبارة عن مجموعة من المهارات تمكن الشخص من حل مشكلاته. وكذلك القدرات التي تمكن الشخص من انتاج ماله تقديره وقيمته في المجتمع. والقدرة على إضافة معرفة جديدة والذكاء عبارة عن بعد واحد فقط بل عدة أبعاد. ثم إن كل شخص متميز عن الآخرين. والذكاء يختلف من شخص إلى آخر. وعوامل الذكاء التسعة هي: 1- الذكاء اللغوي: أو الذكاء الشفهي هو القدرة على إستعمال اللغة والحساسية للكلمات ومعاني الكلمات ومعرفة قواعد النحو والقدرة على معرفة المحسنات البديعي والشعر وحسن الإلقاء. والقدرة على نقل المفاهيم بطريقة واضحة. والأشخاص الأذكياء لغوياً هم الشعراء والخطباء والمذيعون. 2-الذكاء الرياضي المنطقي: قدرة الشخص الرياضية والمنطقية والتفكير المجرد وحل المشكلات. والأشخاص الأذكياء رياضياً: هم علماء الرياضيات والمهندسون والفيزيائيون والباحثون. 3-الذكاء الشخصي: قدرة الشخص على تشكيل أنموذج دقيق وواضح من نفسه وإستعمال هذا النموذج بفاعلية في الحياة في مستوى أساسي ومعرفة مشاعر المتعة والألم. وهذه صفات العلماء والحكماء والفلاسفة. 4-الذكاء الاجتماعي: هو قوة الملاحظة ومعرفة الفروق بين الناس وخاصة طبائعهم وذكاؤهم وأمزجتهم ومعرفة نواياهم ورغباتهم. وهذه صفات رجال الدين والساسة المتصفين بالفراسة وسعة المعرفة. 5-الذكاء الموسيقي: هو القدرة على تميز الأصوات والإيقاعات. مثل المطربون والملحنون والعازفون. 6-الذكاء الفراغي أو التصوري (أو البصري) سعة إدراك العالم والقدرة على التصور ومعرفة الاتجهات وتقدير المسافات والأحجام. ومثل أولئك هم المهندسون والجراحون والرسامون. 7-الذكاء البدني: وهو قدرة الشخص على التحكم في حركات جسده. مثل السباحون، والبهلوانات، والممثلون. 8-الذكاء الطبيعي: قدرة الفهم على الطبيعة وما فيها من حيوانات ونباتات والقدرة على التصنيف. ومثال ذلك المزارعون ـ الصيادون. 9-الوجوديون: وهم الأشخاص الذين لديهم قدرة على التفكير بطريقة تجريدية وهم الذين يفكرون بالحياة والموت. وهؤلاء الذين يفكرون في ما وراء الطبيعة أو ما بعد الموت.
مرفق اختبار لتحديد نوع الذكاء الذي تتصف به
http://www.4shared.com/document/9cXQNjqt/Multiple_intelligence_test-Aab.html

الاسئلة السقراطية

لآن منهج سقراط لا يقوم على التلقين والوعظ وإنما يعتمد على طرح مجموعة أسئلة تدفع محدثه إلى تحديد معتقداته ومدى معرفته ويجبره على إعادة النظر بصحة ومصداقية ما يعتقد به وبالتالي التخلص من الفرضيات التي تؤدي لنتائج متناقضة لتحل محلها فرضيات أكثر صحة وثبات..
المقالة التالية توضح الاسئلة السقر اطية اكثر:

الأربعاء، 25 أغسطس 2010

Smart Draw

من خلال برنامج Smart Draw ستكون قادرا على رسم مخطط سير العمليات حيث أن هذا البرنامج يحتوي على العديد من الميزات والخدمات ويحتوي على الأشكال التي تساعدك على رسم مخطط سير العمليات.


للتحميل اضغط هنا


http://www.4shared.com/file/-Z2JEFiY/SMartDraw.html

القبعات الست

أسلوب يُستخدم لتنظيم عملية التفكير لزيادة الإنتاجية، والإبداع والابتكار، ويتيح لمستخدميه حل المشكلات باستخدام كل الطرق والوسائل المتاحة.


لتحميل الكتاب اضغط هنا
http://www.4shared.com/document/rVLzn71T/six_hatspdf.html

برامج محاكاة

برنامج مختبر الكيمياء الجاف، والذي يمكنك عزيزي المعلم من عمل محاكاة لمجموعة من التجارب، والتي لها علاقة بمختلف مجالات الكيمياء، التفاعلات، المعايرة، الاحماض والقواعد،الترسيب، حالات المادة كما ويمكنك عزيزي المعلم استخدام البرنامج مع أي فئة عمرية، وتسجيل التجربة وعرضها أكثر من مرة.
ايضا مختبر الفيزياء الجاف، مختبر التكنولوجيا،

للتحميل اضغط هنا


http://www.crocodile-clips.com/en/Downloads/

Count Down timer

برنامج العد التنازلي يساعدك على تحديد مدة المهمة التي يعمل عليها الطلبة واظهار الوقت ليبقى الطلبة على اطلاع على الوقت المتبقي للمهمة. برنامج بسيط وسهل ولايحتاج الى تنزيل.


للتحميل اضغط هنا

http://www.4shared.com/account/file/UgkZJqCd/Countdown_timer.html

Meesoft Diagram Designer

يساعدك هذا البرنامج عزيزي المعلم على تصميم رسوم بيانية ومخطط سير عمليات بسرعة وببساطة من حيث عدد الاشكال والخيارات والرسوم المتوفرة في البرنامج، كما أنه مدعم ايضاً باللغة العربية.


للتحميل اضغط هنا
http://www.4shared.com/file/4mINIAjJ/Meesoft_Diagram_Designer.html


برنامج العد التنازلي

برنامج العد التنازلي يساعدك على تحديد مدة المهمة التي يعمل عليها الطلبة واظهار الوقت ليبقى الطلبة على اطلاع على الوقت المتبقي للمهمة. برنامج بسيط وسهل ولايحتاج الى تنزيل.


للوصول الى الملف اضغط هنا


PBWiki

هذا الموقع يسمح لك بتصميم منظومة تعلم  الكترونية تساعد على التشارك في المعلومات والمعارف وتسمح باضافة صفحات للمعلمين والطلبة ليشاركوا بافكارهم او ليضيفوا مواضيع جديدة.
امثلة على هذه منظومة تعلم  الكترونية:
http://sawsanhourani.pbworks.com/
http://www.nariman.pbwors.com/
https://alidilki.pbworks.com

كيف تكون البيئة المدرسية محفزة وآمنه؟

لعل الدعوات المتكررة التي دعت إليها صاحبة الجلالة الملكة رانيا العبد لله المعظمة والتي شددت من خلالها على ضرورة إيجاد بيئة تربوية تنصف الطلبة بمختلف فئاتهم العمرية وتوفر له الأمان والاستقرار وتدعم العاملين في مجال التعليم ..وإعادة تأهيلهم وتدريبهم ضمن منظومة تربوية معصرنة تساعد على خلق بيئية تعلميه قادرة على التعامل مع الجميع وفق منهجية تربوية متطورة ترتقي إلى التميز في الأداء والعمل .




إن تأكيد جلالتها على ضرورة التواصل بين الأطراف ذات العلاقة خاصة وان الفئات العمرية المعنية تحتاج إلى مزيد من الجهد والعمل .. فهناك أبعاد قانونية وصحية واجتماعية وتعليمية وتنموية واقتصادية تقف وراء ذلك يجب أن تتم دراستها وأخذ الإجراءات المناسبة بشأنها.



فالمتغيرات المتداخلة في تقديم الرعاية لمختلف فئات مجتمع الطلبة يستوجب إيجاد البيئة السليمة التي تساعد العاملين وتساندهم نحو المزيد من العطاء والعمل الجاد لتكفل للجميع التساوي بالحقوق والواجبات في إطار عام وشامل .



فالسلوك الإنساني مهما كان لا يتم بناءً على مجموعة من المؤثرات والتفاعلات الحاضرة فقط .. وإنما المؤثرات في الحاضر وتفاعلها مع المخزون المعرفي السلوكي والثقافي وأساليب التنشئة التي قد تعود إلى بداية الحياة الأولى لكل منا منذ كنا أطفالاً .. فهي التي تشكل الشخصية الحالية للفرد .. فدور المثيرات الحالية ليس إلا استثاره لكل هذه التراكمات والخبرات ليتفاعل معها بطريقته وبأسلوبه الذي يميزه عن غيره .. من هنا نجد أن الاختلاف والتباين في السلوكات رغم أن المثير واحد.



فالفرد يتعلم من بيئته الثقافية والفيزيقية وبذلك لا بد لنا من أن ننظر نظرة منطقية توفر لنا كل أسباب الأمان لتوفير مدرسه آمنه ومحفزه خالية من العنف فما الدور المناط بنا نحو ذلك ؟



انه ومن الضرورة بمكان دراسة المجتمع المحلى بعناصره الثقافية والمادية محاولة منا لتغيير بعض مواريثه السلبية والتطلع نحو تنميه جوانبه الإيجابية والتواصل معه بشكل فعال لمساعدتنا على توفير البيئة المدرسية الآمنة ومحفزة والتي نطمح جميعا إلى تحقيقها .



ولن يأتي ذلك إلا من خلال مجموعة الخبرات والتجارب العملية والميدانية والتي تعكس مجموعة من المشكلات السلوكية بما فيها العنف بمختلف أشكاله .. إذ يتبين من ذلك أن اكتساب الطالب بعضا منها إنما يدل على انه معبأً بها تعبئة نفسية ليقوم بعد ذلك بعكسها وتفريغها على زملائه أو حتى على مكنونات المدرسة أو على معلميه.



إن التأثيرات المجتمعية المتعددة بسلبياتها وايجابياتها إنما ينعكس حتما على المدرسة وبيئتها فما يمارسه الطالب داخل المجتمع المدرسي هو انعكاس لسلوكه في مجتمعة الأسري والبيئي وغيره.. وإذا ما أردنا إيجاد وتوفير بيئة آمنة ومحفزة لابد من وجود قنوات اتصال وتواصل بين البيئة المدرسية والبيئة المجتمعية اذ ينبغي على المدرسة أن تلعب دوراً فاعلاً في تغيير بعض المفاهيم والمعتقدات الخاصة بالعنف وتأكيد الجوانب الإيجابية المحلية والتي هي كثيرة .. وهذا يتطلب تظافر كل الجهود الخيرة والطيبة .. فعلى الجميع تحمل مسؤولياتهم تجاه ذلك .. وهذا بالطبع يحتاج إلى ثقافة مجتمعية تشارك فيها كل الأطراف وبدعم تام من الدولة بأجهزتها المختلفة وعلى رأسها الجهاز الإعلامي.



إن تركيز المدرسة على فهم طبيعة المجتمع المحلى ومعرفة خصائصه البنيوية والثقافية.... والتعرف على مراكز التأثير من وجهاء وخبراء والذين يمكن أن يلعبوا دورا مساندا للمدرسة في مشكلاتها.. فتشخيص المشكلات في محيط المدرسة المحلى والتعامل معها بالتنسيق مع مؤسسات هذا المجتمع.. وتقدير وتعزيز الدور الذي يمكن أن تلعبه تلك المدرسة في المساعدة على حل المشكلات التي تواجه المجتمع وتلافى وقوع مشكلات مستقبليه لهي أدوار تربوية رائدة تعيد للمدرسة مكانتها وهيبتها وتدفع المحيط إلى التعامل المثمر نحو البيئة التي نريد .



ويجب أيضا أن ندرك أن الضرورات الحتمية تفرض أن لا يبقى المعلم ومن لهم صله بالعملية التعليمية وحدهم في الميدان يصارعون سلبيات المجتمع من خلال ما اكتسبه الطالب منها بل إن التشارك مع ولي الأمر ليكون متقبلا للتطورات المستقبلية متواصلا مع التغييرات لهذا العصر المتنامي .. والذي يجب ان يكون له دور مهم و واضح من خلال التواصل مع المدرسة بصفته وأسرته هم المدرسة الأولى للطفل الذي اكتسب بعد مولده الكثير من الثقافة و المهارات و المعارف و الاتجاهات منهم سواء من الوالدين أو الأخوة .. ثم يبدأ الجانب الآخر في المحيط الخارجي مع الأقران ومن ثم تأتي المدرسة.. فلذلك يجب أن ندرك تماما أن تربية الطفل في السنوات الأولى من العمر هي المحك الحقيقي و البارز في حياته لذلك يجب مراجعة أنفسنا في طريقة إعداد الطفل وتهيئته للمستقبل

إن التواصل الإيجابي بين البيت والمدرسة والحاجة الملحة له .. لهو من أهم العوامل التي تساعد على ايجاد مناخ تربوي تشاركي فعال ومناهض لكل السياسات التي من شأنها إحباط أقطاب العملية التعليمية وبذلك لا بد من تأمين شراكات حقيقية مع أولياء الأمور في تحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم للحد من كافة أشكال العنف ذلك يعطي الدافعية لتلك الشراكات والتي نأمل أن تكون مبنية على الفهم الواضح لمنطق الحياة المعاصرة .

إن على البيئة الأسرية الالتفات إلى مدى تأثير نزاعاتها على الأبناء .. والبعد عن استحسان سلوك العنف أمامهم .. واشتراك الأبوين في ممارسة الأنشطة الإيجابية وتشجيعهم عليها.. ومساعدتهم على تطوير الإحساس بالتعاطف مع الآخرين واحترام حقوقهم .. والتصرف في ممتلكاتهم .. والمساعدة على بناء مفهوم إيجابي نحوهم ..



إن الممارسات الإيجابية التي نطمح توفرها في شخصيات أبنائنا وطلبتنا يجب تعزيزها.. وذلك بتعميق الحوار والنقاش فيما بينهم .. وهناك نموذج عن الممارسات التي يمكن أن يقدمها المعلمون بالتشارك مع أولياء الأمور لتخفيف سلوك العنف وتحفيز الطلاب .. وذلك من خلال تعليمهم المهارات الاجتماعية ومنها مهارات تأكيد الذات وإكسابهم الثقة بالنفس .. والتعامل معهم بالحب .. والابتعاد عن استخدام العقاب البدني..واستخدام أساليب التعزيز والمكافأة.. مع التركيز على جوانب القوه في شخصياتهم .. وعدم مقارنة احدهم مع الآخرين .. فلكل منهم استعداداته وقدراته التي تميزه عن غيره .. وكذلك العمل على تحييد السلوكات العدوانية غير المقبولة .. مع إشباع الحاجات النفسية والمادية لديهم بقدر المستطاع مع المساواة بين الجميع في المعاملة .. والابتعاد عن النقد المباشر الذي يشعرهم بالنقص والإحباط . سواء فيما يتعلق في الجانب التحصيلي أو الجسدي .



إن شعور جميع أعضاء المجتمع المدرسي بكل مكوناته من إداريين ومعلمين وطلاب بحقهم بالأمن والأمان والتساوي بالمسؤوليات والسعي نحو تشجيع ذلك لهو تأكيد على قيمة وكرامة كل فرد منهم .. فعلى الجميع الالتزام بضمان واحترام حقوق الآخرين إذ يحتاج ذلك إلى المزيد من الوعي والإدراك بالحقوق والمسؤوليات والواجبات المناطه بكل منهم وفق قواعد تضمن الأمن والأمان للجميع بل ان ذلك لهو خطوة ايجابية نحو تهيئة هذه البيئة تهيئته آمنه ومحفزة داخل مجتمعاتنا المدرسة.



إن فاعلية توفير الاستقرار والأمان والتصرف بمسؤولية يضمن إيجاد علاقات ايجابية تبادلية يتم صياغتها والمحافظة عليها من جميع أطراف العملية التربوية داخل المدرسة .. مما يشجع الجميع على تطوير دواتهم كل في مجاله عن طريق قبول الآخر والتصرف بمسؤولية في سبيل إكساب الطالب ثقته بنفسه ومنحه الهيبة وكرامته مع ضرورة شعوره بالفخر والانتماء لكيان مدرسة وأسرته ومجتمعه

إن السعي نحو إيجاد مدارس آمنة وفعالة يبدأ من إداراتها .. ذات النظرة المتطورة والتي تستمد منهجيتها من الرؤية التربوية الجدية الواجب توفيرها للمجتمع الطلابي داخل الكيان المدرسي ويتمثل ذلك بالأمان والرعاية والاحترام والدعم وبذلك يمكن لها أن تؤسس مدونة واضحة للسلوك الأخلاقي مضمونها أن جميع أشكال السلوك العدواني بكل ألوانه هو أمر غير مقبول.

إن المدارس الآمنة هي الأكثر فعالية في قيادة العملية التعليمة بشكل تام عندما تمتلك رؤية إستراتيجية كاملة لنهج تربوي معاصر وفق منظومة قيميّة فعالة ذلك يجعل نظرتها تتجه نحو كيفه تطوير أداها المهني والأكاديمي .

ففي المدرسة الآمنة والفعالة يتوفر المجال للفرص الكافية من اجل تحديث منظومة التعليم المناسب لتطوير المهارات التي تمكنهم من العمل معا من أجل الارتقاء بالعملية التعليمية التعلمية إلى الأفضل. فيمنح ذلك المعلمين الفرصة لتطوير مهاراتهم ضمن نهج تربوي متطور مما يؤدي إلى إيجاد علاقات تبادلية أمنه مع طلبتهم ما يعزز القيم الاجتماعية لبناء جسور الثقة والعمل نحو تنشئة جيل واعد قادر على تحمل مسؤولياته بكل همة ونشاط .

فلذلك يجب على التربويين ومن هم في موقع المسؤولية قيادة أي صرح تربوي تعليمي أن يدركوا واجباتهم تماماً.. وان من أهم أولوياتهم هي وضع استراتيجيات و سياسات تربوية فعالة لتفيدها بكل جرأة وموضوعية وبما يتناسب وطموحات طلابهم وآمالهم لإيجاد سلوك تربوي آمن .. ذلك هو الأساس لضمان العناية والاهتمام بكيان الطالب الذي هو في اشد الحاجة إلى التوجيه والإرشاد .

وأخيرا لا بد من التذكير إن القيم الاجتماعية الإيجابية المتوارثة والتي تعزز دور كل من البيت والمدرسة في التنشئة السليمة تجعنا نشعر جميعا بأن منظومة التعليم مرتبطة ارتباطاً وثيقا بتلك القيم التي تعبر عن حضارتنا وديننا الحنيف وتعزز الوازع الإيجابي لدى الجميع نحو علاقات تكاملية بين جميع أفراد المجتمع المدرسي بما ينسجم وتطلعاتنا نحو إيجاد تلك البيئة التي نريد . والله من وراء القصد

الكاتب : فيصل تايه